أحد الشروط الأساسية نحو ظهور فلسفة عربية أصيلة جديدة هو أن هذه الفلسفة يجب أن تقدم كجزء من الفكر الفلسفي الإنساني المعاصر، والانفتاح على هذا الفكر مع الاحتفاظ في نفس الوقت بأصالتها كفكر عربي حقيقي. تحقيق هذا الشرط يفرض التخلي عن التصنيف الأكاديمي الحالي الذي يفصل ويعزل الفكر العربي المعاصر عن الفضاء الأوسع للفكر الفلسفي الإنساني. ولذلك الفكر الفلسفي العربي المعاصر يجب، أولا، أن يقدم على المستوى النظري المجرد الذي يصلح للتطبيق لأي مجتمع إنساني، قبل تطبيقه على المشكلات العملية للفكر العربي. وثانيا يجب على هذا الفكر أن ينخرط ويتفاعل بصورة إيجابية مع المشكلات الفلسفية المعاصرة والحوار الدائر حولها في الفكر الإنساني المعاصر. بهذا المعنى، يصبح من الضروري لتطور الفكر العربي أن يكون على معرفة مستمرة بالأعمال الفلسفية المعاصرة، من ناحية، وأن يشارك في تشكيل الفكر الفلسفي الإنساني العالمي، من ناحية أخري. كذلك من الضروري لهذا الفكر أن يكون معروفا ومعترفا به في إطار المجتمع الفلسفي العالمي، ليس باعتباره فكرا خاصا بالعرب ومشكلاتهم، وإنما باعتباره فكرا إنسانيا بالمقام الأول. وهذا يمكن تحقيقه من خلال حركة فلسفية ذات اتجاهين، أولا ترجمة مستمرة للأعمال الفلسفية والأبحاث الفلسفية المعاصرة الهامة أولا بأول. وثانيا، من خلال توفير الوسائل لنشر الفكر الفلسفي العربي الهام حتى يمكن معرفته ونقده بواسطة المجتمع الفلسفي الإنساني المعاصر.
هناك عدة طرق لتحقيق هذه المتطلبات المتمثلة في الترجمة والنشر. أحد هذه الطرق هو ما نحاول أن نقدمه هنا، وهو أن نعتمد على الإمكانيات التي يوفرها فضاء المعلوماتية. لذلك نحن نحاول في هذا الجزء من الموقع أن ننشر بعض الأبحاث الفلسفية المختارة والمؤلفة بواسطة فلاسفة عرب معاصرين، باللغتين العربية والإنجليزية. ومن الناحية الأخرى، ننشر أبحاث مختارة لمؤلفين غير عرب، باللغة الإنجليزية، في الوقت الحالي، وترجمتها إلى العربية في نفس الوقت. اختيار هذه الأعمال لا يعتمد على ارتباط معين بمشكلات الفلسفة العربية. على العكس، يعتمد هذا الاختيار على أساس تغطية مجال واسع من الموضوعات الفلسفية المعاصرة والتي، ربما، هي ليست متاحة أو معروفة في المجال الفلسفي العربي.