شوقا إلى الله طيري واهتكي الحجبا | النور يدنو وطيب الجنة اقتربا |
شوقا إلى الله طيري مقـلة عبرت | تسابق الريح والأفلاك والشهبا |
شوقا إلى الله وثبا غيـر وانـية | فليس من سار وهنا كالذي وثبا |
شوقا إلى الله، لا خوفٌ ولا حَـزَنٌ | هل يعرف الحزن مَنْ مِنْ ورده شربا؟ |
شوقا إلى الله يا أبـهى مـحجَّبة | من سيبك العذب ماء الشعر قد عذبا |
يا رند فاس، ويا بلقيس أندلس | يا نسمة الأطلس الجبّار عن وهبا |
لم نبن للعشق غيما نستظلُّ به | إلا تدفَّق من أجفانـنا قِربا |
فأرسلي الدّمع من جفن أضرَّ به | ذنب تعاظم حتى قرَّح الهدبا |
وقد تصاغر في عفو الإله إلى | أن صار بعد بكاء الرّوح محض هبا |
خضنا وخاضت مطايانا الهوى فهوت | صواعق الموت تبغينا الهوى حربا |
خـضنا إلى أن تلقتـنا لطائفه | فاستفرغ القلب دمعا عز فاحتجبا |
للشّوق أجنحةٌ خضراء سابحة | تلامس الغيب، ليست تحذر الرقبا |
فاستحلبي من سماء الغيب درتها: | السّعد والرّشد والإيمان والأدبا |
تـبـارك الله، إنَّ الله أنـزلـنا | دارا مكـرّمة لا تعرف النّصبا |
السعد ينشر في أفيائها خيما | والرّشد يضرب في أرجائها طنبا |
والحسن يجعل من جفنيكِ متكَأ | كوني إذا ما همى أمًّا له وأبا |
صرنا سويا إلى دار الهدى فهمى | نور الهدى في حواشي القلب نبع ربى |
وهبت الرّيح تبغي نسف خيمتنا | فكنت أصلب مني عزمة وإبا |
يا همة تبتني في النجم منـزلة | عزّت، وتقطع مما تحمل القضبا |
سوّاك ربّك من أنوار حكمته | ومن يسوّي بقلب الدرّة الخشبا؟ |
تـبـيت راكـعة لله خـاشعـة | الأرضُ تأكل منها الكفّ والرّكبا |
كم زفرة في ضمير الليل ترسلها | والدّمع في النحر بالآلام قد ذهبا |
كم كحلت من نشيج القلب مقلتها | لا كحل، لا قرط تبغيه، ولا قلبا |
شوقا إلى الله يا أبهى مجاهدة | إن الشّهادة دربٌ يُبلغ الأربا |
أضحت سمية في عليائها ابتسمت | لما رأتك شهابا يرجم النصبا |
وتلك خولة قد ضمّت جوانحها | من عزمك الفذ ما تحيي به الحقبا |
ما غابت الشّمس، والأنهار ما فتئت | ريَّا، ولم يبرح الإيمان منسكبا |
ولم تزل هذه الصّحراء حاملة | سرّ الحياة، ونبع النّور ما نضبا |
تـمدّ للمرتـضى كفا مـبايـعة | وللحسين إذا حمّ القضا نسبا |
ومن ندى السّبط تروي حرَّ وقدتها | طوعا، وزينب للخُلد انتضت سببا |
من أبصر الحُرّة الحسناء عزمتَها | ترد عند اللقاء الجحفل اللجبا |
ما تلك؟ برعم حبٍّ في تفتُّحه؟ | أم إنها قدر يسعى؟ فوا عجبا! |
شوقا إلى الله طيري، غير عابئة | بمن غدا يزرع الأقطار حقل ظبى |
وزلزلي تحت أقدام الطّغاة ثرى | كم ضجّ من بطشة الباغي وكم ندبا |
لا تسألي عن فتى الفتيان في حلب | فلست تلقين لا سيفا ولا حلبا |
لا تطلبي من دمى صارت محنَّطة | للنّصر سيفا ولا رمحا ولا نشبا |
شوقا إلى الله طيري، أنت مرشدتي | وفي يديك لمست النّصر والغلبا |