____________________
الهوامش:(1) الشاهد على أن بديع الزمان يميل إلى مثل هذا التخصيص تقييده في أكثر من موضع اسم «الفلسفة» بوصف «البشرية» كما في قوله: «إن سعيدا القديم والمفكرين قد ارتضوا بقسم من دساتير الفلسفة البشرية»، المكتوبات، ص 569؛ وأيضا حِرصُه على الإشارة إلى أن إطلاق لفظ «الحكمة» على الفلسفة هو من عمل غيره - أي الفلاسفة - كما جاء ذلك في قوله: «أما ما يسمونه بعلم الحكمة، وهي الفلسفة، فقد غرقت في تزيينات حروف الموجودات وظلت مبهوتة أمام علاقات بعضها ببعض، حتى ضلت عن الحقيقة»، الكلمات، ص 143؛ مما يشعر بأن ورود هذا الإطلاق في نصوصه هو من باب التساهل في الاستعمال ومجاراة الغير، لا من باب صحة هذا الاستعمال أو الاقتناع به. (نشير هنا إلى أن تسويد الكلمات في النصوص المنقولة هو من فعلنا).
(2) «نيقولاوس كوبيرنيك» فلكي بولوني (1473-1543)، اشتهر ببرهنته على دوران الأرض على نفسها وحول الشمس، مبطلا بذلك الرأي القديم الذي يجعل الأرض ثابتة والشمس دائبة الدوران حولها.
(3) «إيمانوئيل كانط» فيلسوف ألماني (1724-1804)، أثبت دور الذات الفاعل في تشكيل المعرفة الإنسانية، مفندا بذلك النظرية القديمة التي تجعل للموضوع الدور الفاعل في تشكيل هذه المعرفة.
(4) يقول: «كان سعيد القديم -قبل حوالي خمسين سنة- لزيادة اشتغاله بالعلوم العقلية والفلسفية يتحرى مسلكا ومدخلا للوصول إلى حقيقة الحقائق، داخلا في عداد الجامعين بين الطريقة والحقيقة»، المثنوي العربي النوري، ص29؛ انظر أيضا المكتوبات، ص 569-570.
(5) الملاحظ أن بديع الزمان لا يذكر الكندي كما يبدو أنه لم يذكر فيلسوف المغرب ابن رشد إلا قليلا جدّا، قد لا يتعدى ذلك المرتين: المكتوبات، ص 249؛ وأيضا الشعاعات، ص 663.
(6) يقول: «لما كان اشتغال سعيد القديم بعلمي الحكمة [أي الفلسفة] والحقيقة [أي التصوف] ويناظر عظماء العلماء ويناقشهم في أدق المسائل وأعمقها […]، قد لا يُدرَك قسم منها [أي من ترقياته الفكرية وفيوضاته القلبية] -بعد جهد جهيد- إلا الراسخون في العلم»، المثنوي العربي النوري، ص 32.
(7) إشارات الإعجاز، ص 23-33.
(
يعتبر بديع الزمان هذه الولادة الجديدة بمثابة تجل لاسم «الحكيم» من أسماء الله عليه، إذ يقول: «كذلك أخوكم هذا الذي لا يُعد شيئا يذكر، وهو لا شيء، قد وُهب له وضع يجعله يحظى باسم الله (الرحيم) واسم الله (الحكيم) من الأسماء الحسنى. وذلك أثناء ما يكون مستخدَماً لخدمة القرآن فحسب، وحينما يكون منادياً لتلك الخزينة العظمى التي لا تنتهي عجائبها […] فجميع «الكلمات» إنما هي جلوات تلك الحظوة؛ نرجو من الله تعالى أن تكون نائلة لمضمون الآية الكريمة (ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)»، المكتوبات، ص 23-24؛ كما أنه يؤرخ لهذه الولادة برؤيا صادقة رآها قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، قائلا: «رأيت نفسي تحت جبل آرارات، وإذا بالجبل ينفلق انفلاقا هائلا- فيقذف صخورا عظيمة كالجبال إلى أنحاء الأرض كافة، وأنا في هذه الرهبة التي غشيتني رأيت والدتي - رحمة الله عليها - بقربي، قلت لها: «لا تخافي يا أماه ! إنه أمر الله، إنه رحيم، إنه حكيم»، نفس المصدر، ص 475؛ وفي كلامه عن «التجلي» و «الجبل» إشارة خفية إلى قصة موسى عليه السلام، إذ سأل ربَّه الرؤية القدسية، فـ﴿تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ (الأعراف: 143).
(9) اللمعات، ص 367-368؛ ويقول أيضا في موضع سابق: «فما كان من «سعيد الجديد» إلا القيام بتمخيض فكره والعمل على نفضه من أدران الفلسفة المزخرفة ولوثات الحضارة السفيهة»، نفس المصدر، ص 176.
(10) جاء هذا الوصف في قوله: «وشاهدت السُّنن كالجبال المتدلية من السماء، من استمسك ولو بجزئي استصعد واستسعد، ورأيت من خالفها واعتمد على العقل الدائر بين الناس كمن يريد أن يبلغ أسباب السماوات بالوسائل الأرضية فيتحمق كما تحمق فرعون بـ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ (غافر: 36)»، المثنوي العربي النوري، ص 165.
(11) إذ يقول: «من الأصول المقررة أنه إذا تعارض العقل والنقل، يُعد العقل أصلا ويؤوَّل النقل، ولكن ينبغي لذلك أن يكون عقلا حقا»، صيقل الإسلام، ص 29؛ ويقول أيضا في موضع آخر: «إذا تعارض العقل والنقل، يكون الاعتبار للعقل والتأويل للفكر، لكن يجب أن يكون هذا العقل عقلا».
(12) يقول: «اعلم أيها المتفلسف المرجح للعقل على النقل، فتؤول النقل، بل تحرف؛ إذ لم يسعه عقلك المتفسخ بالغرور والتغلغل في الفلسفيات […]؛ فعقلك عقالك وبالنقل نقلتك»، المثنوي العربي النوري، ص 190.
(13) يقول: «ولهذا، لا يتمكنون من إعطاء الصورة الحقيقية للإسلام على تلك الصورة من العمل، إذ يطعّمون شجرة الإسلام بأغصان الحكمة التي يظنونها عميقة الجذور، وكأنهم بهذا يقوون الإسلام؛ ولكن لما كان الظهور على الأعداء بهذا النمط من العمل قليلا، ولأن فيه شيئا من التهوين لشأن الإسلام، فقد تركت ذلك المسلك وأظهرت فعلا أن أسس الإسلام عريقة وغائرة إلى درجة لا تبلغها أبدا أعمق أسس الفلسفة، بل تظل سطحية تجاهها…»، المكتوبات، ص 569-570؛ ويقول أيضا: «فلا تجعل مقايـيس العلوم الإنسانية مِحَكًّا لحقائقهما [أي القرآن والمنـزل عليه القرآن]، ولا تزنهما بميزانها […]؛ ولا تطلب تزكيتهما بها بجعل دساتيرها الأرضية مصداقا على تلك النواميس السماوية.»، المثنوي العربي النوري، ص 348.
(14) صيقل الإسلام، ص 35-36.
(15) يقول: «فما أجهل من اغتر بالفنون الفلسفية وصيرها محكا لمباحث القرآن القدسية!»، المثنوي العربي النوري: ص 77؛ ويقول في موضع آخر: «قد شاهدت ازدياد العلم الفلسفي في ازدياد المرض، كما رأيت ازدياد المرض في ازدياد العلم العقلي؛ فالأمراض المعنوية توصل إلى علوم عقلية، كما أن العلوم العقلية تولد أمراضا قلبية»، نفس المصدر، ص 158.
(16) انظرْ كيف أن لِرمز «الكهف» عند بديع الزمان الحكيم مدلولا هو عكس مدلول «المغارة» عند «أفلاطون» ومدلول «القَبْوُ» عند «ديكارت»؛ فالنازل في المغارة عند «أفلاطون» هو الإنسان الجاهل الذي لا يعرف من الأشياء إلا ظلالها في مقابل الفيلسوف الذي يعرف أعيان الأشياء ذاتها (محاورة الجمهورية، الكتاب السابع)، وهو عند «ديكارت» الإنسان الأعمى الذي يعيش في الظلام الدامس في مقابل الفيلسوف الذي يعيش في النور الساطع (مقال في المنهج، الجزء السادس)، بينما هو عند بديع الزمان الإنسان الفيلسوف نفسه، هذا الذي يَعدّه «أفلاطون» العارف بحق ويعدّه «ديكارت» البصير بحق.
(17) يقول: «وهكذا، فالطريق الأول هو طريق الضالين المشار إليه بـ(الضالين)، وهو مسلك الذين زلوا إلى مفهوم «الطبيعة» وتبنوا أفكار الطبيعيين…»، الكلمات، ص 650. ويقول (ولا الضَّالين) فالمراد منه: الذين ضلوا عن الطريق بسبب غلبة الوهم والهوى على العقل والوجدان. إشارة الإعجاز للنورسي، ص 36.
يقول: «إن تلك الأرض هي «الطبيعة» و«الفلسفة الطبيعية». أما النفق فهو المسلك الذي شقه أهل الفلسفة بأفكارهم لبلوغ (18)الحقيقة؛ أما آثار الأقدام التي رأيتها فهي لمشاهير الفلاسفة كأفلاطون وأرسطو؛ وما سمعته من أصوات هو أصوات الدهاة كابن سينا والفارابي… نعم كنت أجد أقوالا لابن سينا وقوانين له في عدد من الأماكن، ولكن كانت الأصوات تنقطع كليا، بمعنى أنه لم يستطع أن يتقدم، أي أنه اختنق»، الكلمات، ص 648.
(19) إشارات الإعجاز، ص 36.